التحالف العالمي يفتح حوارا مع العراق
إعلان
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
إن العراق، وقد عاش في تاريخه الحديث كلا من الديكتاتورية والحرب والاحتلال الأجنبي، ويشهد حاليا أعمال عنف داخلية حيث أسفرت التفجيرات في عام 2013عن مقتل 4000 شخص، يمثل بامتياز ما يعتبره التحالف العالمي بلدا صعبا.
فهناك من جهة، إعدام 129 شخصا في عام 2012 وما لا يقل عن 67 شخصا في عام 2013 (حسب أرقام منظمة العفو الدولية لعام 2012)، وهذا يضع هذا البلد مهد الحضارة ضمن طليعة الدول الأكثر تنفيذا للإعدامات، وهي المنطقة الرمادية نفسها التي تقع فيها جارتها إيران والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والصين، مع كون هذا البلد الأخير يسبق غيره كثيرا في هذا المضمار.
ومن جهة أخرى، فإن النضال من أجل إلغاء عقوبة الإعدام يصطدم في هذا البلد أكثر من غيره بنواة صلبة من الاعتراضات المعروفة، يكررها المؤيدون لعقوبة الإعدام أو الذين يتقبلونها دون مبالاة باعتبارها أخف الضررين: عندما نكون في حرب ضد الإرهاب فلا يمكن قبول أي تساهل.
وهذا أيضا ما قاله لنا السفير العراقي في باريس السيد فريد ياسين، وذلك أثناء مقابلة وافق على إجرائها مع التحالف العالمي ممثلا برئيسته السيدة فلورانس بيليفيه وأحد نواب رئيس التحالف السيد رفائيل شنويل هازان، وكان ذلك في 11 سبتمبر/أيلول.
أثناء هذا اللقاء الذي استمر ساعة كاملة، تطرقنا بهدوء إلى السيرة الشخصية للسفير الذي عاش منفيا، وقد أسس في تلك الفترة جمعية لدعم المختفين، وذلك مشكلة أخرى يشهدها العراق. كما تم التطرق إلى القناعات العميقة الرافضة لعقوبة الإعدام عند الرئيس العراقي جلال الطالباني وعدم قدرته على ممارسة مهامه؛ كما تحدثنا عن الاستمرار المؤسف لقانون الطوارئ، وعن عودة ممارسات الشرطة التي كانت سائدة تحت النظام السابق وهي ممارسات غير إنسانية ومهينة، والنقص الصارخ لإحصائيات موثوق بها وفي متناول الجميع حول أحكام الإعدام والإعدامات.
فضيحة الإعدامات المتسلسلة
كانت المقابلة سلسة وبناءة فرغنا منها والأمل يحدونا بأن نتمكن من الدخول في حوار مع ممثلين عن المجتمع المدني العراقي، وربما مع أعضاء في البرلمانات الإقليمية، حول هذه الفضيحة التي تمثلها، مهما كانت الظروف، الإعدامات المتسلسلة والسريعة لعشرات من الأشخاص كل عام.
ذلك أن الأوضاع العنيفة بشكل خاص لا تنقص شيئا من صحة الحجج المبدئية التي لن تتوقف المنظمات المئة والخمس والأربعون الأعضاء في التحالف العالمي، ومن بينها منظمة عراقية، عن الجهر بها عالية في أي مكان عندما يستدعي الأمر ذلك.
إن عقوبة الإعدام، وحتى إذا ما تم إصدار الحكم بها بعد محاكمة عادلة، وهو شيء نادر الوقوع حتى في الدول الديموقراطية الأكثر تعقيدا، هي انتهاك للحق في الحياة وانتهاك للكرامة المتأصلة في الإنسان. إن الحق في القتل وهو يُمنح بشكل غير متكافئ للدول ضد الأفراد لم يثبت أبدا كونه رادعا، بالعكس من ذلك، فإن وجوده يتسب في إطلاق دوامة عنف. إن ظروف الاعتقال في عنابر الموت هي غالبا ما تشكل معاملات غير إنسانية ومهينة.
عقوبة الإعدام لن تسمح بالانتصار على الإرهاب
فيما يتعلق بالانشغالات المشروعة للسلطات العراقية المتمثلة في توفير الأمن للشعب العراقي، فإن مكافحة الإرهاب لم يتمكن أحدٌ قطّ من الحسم فيها باللجوء إلى عقوبة الإعدام. بل إن عكس ذلك هو الصحيح. فالدول التي تمكنت من القضاء على الإرهاب فإنما هي تمكنت من ذلك وقد تخلصت من عقوبة الإعدام.
ولهذا، سيبذل التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام قصارى جهده من أجل توعية المجتمع المدني العراقي حول سخافة الاستعمال الواسع لعقوبة الإعدام في هذا البلد الذي كان من المفروض أن تكون له أولويات أخرى غير ممارسة الحق في التحكم بالموت والحياة للمواطنين الجناة، حتى ولو كانوا جناة سياسيين خطيرين.
وحتى قبل هذا العمل الجوهري الطويل النفَس الذي يقتضي حل التوترات الدينية، فإن التحالف العالمي يدعو السلطات العراقية بإلحاحٍ إلى اعتماد قرار بوقف إصدار أحكام الإعدام ووقف تنفيذ الإعدامات ونشر أرقام موثوق بها. وطالما أن الرئيس غير قادر على التوقيع على أوامر الإعدام، وهو صلاحية يختص بها شخصيا، فإن التحالف العالمي يدعو العراق إلى عدم السماح لنائب الرئيس بالقيام بذلك. فما هو قيمة حياة رجل واحد أمام حجة الاستمرار الدستوري؟
فلورانس بيليفيه
رئيسة التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام
ممثلة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان المعنية بقضايا عقوبة الإعدام