الدورة 64 للجنة حقوق الإنسان والشعوب: اختتام الاجتماع في مصر وهي بلد يشهد ارتفاعا للإعدامات وصدور الأحكام بالإعدام.
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
نقاش حول عقوبة الإعدام في مصر
في 25 أبريل/نيسان، غداة الحفلة الختامية للدورة العادية الرابعة والستين للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، تم تنظيم حلقة نقاش حول عقوبة الإعدام. وقد نظمها الفريق العامل التابع للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والمعني بعقوبة الإعدام والإعدامات خارج إطار القضاء والإعدامات السريعة أو التعسفية، وذلك بالتعاون مع التحالف العالمي والاتحاد الدولي للأعمال المسيحية لإلغاء التعذيب والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان. وبرئاسة معالي المفوضة ‘زينابو سيلفي كاييتيسي’ رئيسة الفريق العامل، تكلم المتحدثون بوضوح عن ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام وعن الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول من أجل تحقيق ذلك. تطرق ‘بافو جنغ’ من مكتب المدعي العام لدى وزارة العدل في غامبيا إلى التدابير التي تم اتخاذها على المستوى الوطني أثناء السنة الماضية من أجل الانخراط لصالح قضية إلغاء عقوبة الإعدام. بعد ذلك، جاء دور ‘بول أنغمان’ رئيس الاتحاد الدولي للأعمال المسيحية لإلغاء التعذيب، و’الشيخ برهام أبو بكر’ رئيس لجنة الحوار بين الأديان في النيجر، وهما قد شددا بشكل أنيق على الحجج المؤيدة لإلغاء عقوبة الإعدام. وهذا الأخير أكد على الاستدلال الديني في النصوص الإسلامية من أجل الترويج لإلغاء عقوبة الإعدام. ثم جاء دور ‘أرنولد تسونغا’، نائب رئيس الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، وقد تطرق في كلمته إلى تطبيق عقوبة الإعدام في القارة الأفريقية حاليا مُركّزا على الدول الأكثر نشاطا من بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ألا وهي: مصر. ذلك أنه في الوقت التي تشير فيه الإحصائيات العالمية الأخيرة المنشورة في التقرير العالمي لمنظمة العفو الدولية إلى توجه عالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام، فإن مصر تبقى حالةً فريدة بأرقام مُخيفة: فقد تم إعدام 43 شخصا في سنة 2018 وإصدار 717 حكما بالإعدام.
إن مصر، وهي قدمت تقريرها الدوري الرابع في بداية هذه السنة، من بين الدول الثلاث التي قامت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب باستعراضها في هذه الدورة (والدولتان الأخريان هما ليسوتو وغامبيا). بعد الملاحظات النهائية التي قدمها المتحدثون، أخذ ممثل مصر الكلمة بسرعة. وكرر ما ورد في التقرير المصري بشأن عقوبة الإعدام، ألا وهو أن الممارسة “قانونية بموجب القانون الجنائي المصري”، ولا تُطبق إلا في “حالات الجرائم الأشد خطورة”. إلا أن هذا التصريح لا يعكس الواقع الذي يتم فيه إصدار أحكام الإعدام بكثرة في مصر. وكما تمت الإشارة إلى ذلك في التقرير الذي قدمه التحالف العالمي ومدافعون عن حقوق الإنسان في بداية شهر أبريل/نيسان إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، فإن مصر لا تحتفظ بعقوبة الإعدام لحالات المخالفات الأشد خطورة دون فقط، ولكنها تُطبقها أيضا في جرائم لم تُؤد إلى موت الضحية. ذلك أن عقوبة الإعدام تُطبق أكثر فأكثر في حالات الانشقاق السياسي وفي المحاكمات الجماعية.
إنشاء شبكة في التحالف العالمي للمناصرة لدى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
في 23 أبريل/نيسان، قبل بداية الدورة، نظم التحالف العالمي في شراكة مع الاتحاد الدولي للأعمال المسيحية لإلغاء التعذيب ورشة تدريبية لمن يهمه الأمر من بين الأعضاء. تناولت الورشة أساليب المناصرة لدى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وما يمكن توقعه من الدورات العادية. هذه الورشة، وهي لا تزال في مرحلة التجريب، هي ورشة ثنائية اللغة (الإنجليزية والفرنسية) نظمها التحالف العالمي أثناء الدورة العادية ضمت 12 مشاركا أعضاء في التحالف العالمي تعود أصولهم إلى دول أعضاء في الاتحاد الأفريقي: ليبريا، وسيراليون، والكاميرون، والمغرب، وجمهورية الكونغو الديموقراطية وساحل العاج. كما شارك محامون وناشطون في هذا التدريب الذي استغرق نصف نهار وكان مُخصصا لدور اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ووظيفتها، ثم المناهج المتعددة التي يستطيع المجتمع المدني استخدامها للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، وخاصة إلغاء عقوبة الإعدام.
أدلى المشاركون ببيانات شفوية أثناء الدورة، وتعرفوا على لطائف إعداد التقارير البديلة وتقديمها إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إضافة إلى جملة من الوسائل غير الرسمية للتفاعل مع مفوضي اللجنة والأمانة. قال ‘كومبراباي دومبويا’ من المنظمة غير الحكومية ‘برلمان شباب نهر مانو’ من سيراليون: “تعلمت أشياء جديدة عن حقوق الإنسان وعقوبة الإعدام في أفريقيا. هذا التدريب كان، بطبيعة الحال، مفيدا لي، وقد سمح لي بتحسين كفاءاتي في ميدان المناصرة، وساعدني على بناء حجج مضادة تؤيد إلغاء عقوبة الإعدام”. يرحب التحالف العالمي بنجاح هذا التدريب سواء بالنسبة للمشاركين أو للذين قدموا التدريب، ويتعهد بمواصلة العمل في هذا النهج من أجل تحسين منهاجيتها البيداغوجية في الدورة العادية القادمة.
مجال محدود للمجتمع المدني
كان من النقاط المشتركة لجميع المشاركين الحاضرين في دورة شرم الشيخ الإشارة إلى القيود المتعددة التي فرضها البلد المضيف بغرض تخويف المجتمع المدني حتى لا يواصل أعماله. ذلك أن السلطات المصرية بذلت جهدا كبيرا من أجل تصعيب عمل الكثير من المنظمات غير الحكومية الحاضرة، بدءا برفض منح تأشيرة الدخول لبعض الأشخاص، وحتى عند السماح للدخول في البلد، منع الوصول إلى قاعات الاجتماعات الخاصة في الفنادق لتنظيم أحداث موازية، وكذلك فرض قيود على أي تجمع للمجتمع المدني في مكان انعقاد الاجتماع (مركز المؤتمرات الدولي)، حيث لوحظ حضور دائم للحكومة المصرية. فقد أرادوا التحكم بشكل فعلي في سير الاجتماع وأشرفوا أيضا على تسليم شارات الهوية التي تسمح بدخول الموقع.
ولم يسلم التحالف العالمي وشركاؤه من هذه المراقبة التي قامت بها السلطات المصرية. فقد رُفض السماح لهم بدخول كثير من غرف الفنادق الخاصة لتنظيم جلسات إحاطة. وفي النهاية تم الحصول على مكان لتنظيم جلسة إحاطة في مركز المؤتمرات الدولي، إلا أنه كان من نتائج ذلك تقليص فترة الدورة التدريبية من نهار كامل إلى نصف نهار.
عندما ألقت السيدة ‘حنا فورستر’ رئيسة اللجنة التوجيهية للمنظمات غير الحكومية كلمتها الافتتاحية في منتدى المنظمات غير الحكومية، قالت: “عبّر المشاركون في المنتدى عن استيائهم إزاء عدد المنظمات غير الحكومية التي رفض منح تأشيرة الدخول لها. إضافة إلى ذلك، فقد اشتكت بعضها بأنها واجهت تكاليف باهظة جدا قلّصت التزامها بالمشاركة في أحداث موازية”. تمت الإشارة أيضا إلى رسالة احتجاج كتبتها المنظمات غير الحكومية إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب من أجل التأكيد على سوء المعاملة.