فعاليات الحدث الكبير المناهض لعقوبة الإعدام تنظم في الأمم المتحدة
معايير دولية
تم الاحتفال في مكتب الأمم المتحدة في جنيف باليوم العالمي التاسع لمناهضة عقوبة الإعدام، وجرى أثناء ذلك نقاش حول السوابق القضائية الدولية في مجال عقوبة الإعدام والعقوبات أو المعاملات القاسية وغير الإنسانية والمهينة. حضر الاحتفال عشرة خبراء من الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية تعنى بحقوق الإنسان.
وقد صادف الاحتفال باليوم العالمي نقل مقر اللجنة العالمية لمناهضة عقوبة الإعدام من مدريد إلى جنيف. وبهذه المناسبة نظمت حفلة افتتاح رسمي وأمسية عرض خلالها فيلم تلته مناقشة، حيث عقد الخبراء اجتماعات عمل وتأمل حول عقوبة الإعدام.
عقوبة الإعدام بوصفها معاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة
افتتح الجلسة السيد فيديريكو مايور ساراغوسا، رئيس اللجنة الدولية لمناهضة عقوبة الإعدام والمدير العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)؛ صرح في بيانه أن عقوبة الإعدام هي "أسوا انتهاك لحقوق الإنسان يمكن أن يقع" لأنها تنتهك في الآن نفسه الحق في الحياة والحق في عدم التعرض لعقوبات ومعاملات قاسية وغير إنسانية ومهينة.
أما السيدة سيلفي كاييتيسي زاينابو، رئيسة الفريق العامل المعني بعقوبة الإعدام التابع للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، فقد تحدثت عن دور القضاة في تطور السوابق القضائية الأفريقية. "فمن خلال الأحكام القضائية نرى أن هناك اتجاها نحو إلغاء عقوبة الإعدام، وقد بدأت ذلك جنوب أفريقيا عام 1995، وحذت حذوها رويدا رويدا مالاوي وكينيا."
أساليب تنفيذ عقوبة الإعدام وقاعدة "أخف معاناة ممكنة"
تحدث السيد جاود محمود من المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن التوصيات المتعددة الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والتي تقلص من الأساليب الممكنة لتنفيذ عقوبة الإعدام؛ تناول في حديثه كذلك استنتاجات المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب في عام 2009، وقد جاء فيها: "إذا كان بتر الأعضاء يعتبر عقوبة قاسية وغير إنسانية ومهينة، فكيف يمكن ألا يكون كذلك أيضا قطع الرأس؟ وإذا كانت أشكال أخرى من العقوبات الجسدية، كالضرب بالعصا على المؤخرة، وهي تبدو خفيفة بالمقارنة معها ، ممنوعة منعا باتا في القانون الدولي لحقوق الإنسان، فكيف يمكن تصور أن هذا القانون نفسه يسمح بالشنق والكرسي الكهربائي والرمي بالرصاص والأساليب الأخرى للإعدام؟"
وبدورها تحدثت السيدة آنا أوستين، وهي رئيسة قسم في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث إنها استعرضت أحكاما صدرت عن هذه المحكمة. ذلك أنه في عام 2010 توصلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن عقوبة الإعدام هي في حد ذاتها غير إنسانية مهما كان أسلوب الإعدام. وذهبت المحكمة إلى أن الخوف من التعرض للإعدام يمثل معاملة غير إنسانية.
ظروف الاعتقال وظاهرة عنابر الموت
السيدة إليزابيت أبي مرشد، الأمينة التنفيذية المساعدة للجنة الأميركية لحقوق الإنسان تحدثت عن تطور النظام في القارة الأمريكية منذ التسعينات، وشددت على أهمية التفاعل بين المحافل الدولية والإقليمية والوطنية. فالمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، على سبيل المثال، قد اعتمدت على سوابق قضائية أفريقية وعلى قرارات اتخذها المجلس الخاص البريطاني والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وتقول المحكمة الأمريكية إن عقوبة الإعدام غير محظورة في الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان. لكن السوابق القضائية في السنوات الخمس عشرة الماضية قلصت إلى حد كبير من مجال تطبيقها، وذلك من خلال قوانين أخرى كالقوانين المتعلقة بالتسليم أو الحقوق القنصلية أو حقوق الطفل، ومن ثم فهي تتجه نحو إلغائها تدريجيا. هذا وتمنع الاتفاقية العودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام في الدول التي قد ألغتها.
أما السيدان لويس غالييغو وأليسيو بروني، وهما عضوان في لجنة مناهضة التعذيب، فهما تطرقا إلى تعريف التعذيب وفق ما جاء في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب، إذ هي تستثني عقوبة الإعدام. إلا أنهما بينا أن اللجنة أكدت أن عقوبة الإعدام تمثل معاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة بمقتضى المادة 16 من الاتفاقية.
واختتم النقاش السيد كريستوف هينس، المقرر الخاص المعني بالإعدامات خارج نطاق القضاء والإعدامات التعسفية والسريعة، وبين أن مفهوم المعاملة القاسية غير الإنسانية والمهينة يخضع لتأويلات تختلف حسب السياق. فالتطور الذي تشهده السوابق القضائية الدولية منذ خمسة عشر عاما قد أنشأ زخما جديدا غير النظرة إلي مسألة عقوبة الإعدام في القانون الدولي. ذلك أن المجال القانوني لتطبيق العقوبة دون أن يكون ذلك انتهاكا لحقوق الإنسان هو مجال يتقلص إلى حد كبير بحيث أنه لن يبق هناك أي تبرير قانوني للتغاضي عن هذه العقوبة غير الإنسانية.