مارك بوسويت: “لنعمل بطريقة تجعل الدول التي لم تنضم إلى البروتوكول تشعر بالعزلة “.
بروتوكول
هل يمكن أن تقدم نبذة موجزة عن البروتوكول؟
مارك بوسويت: يقول البروتوكول ببساطة إن الدول تتعهد بعدم إصدار حكم بالإعدام وبعدم القيام بإعدام. والفقرة الأولى من المادة الأولى موجهة للدول الأطراف، ذلك أن عليها أن تتخذ كافة الإجراءات المنشودة لإلغاء عقوبة الإعدام في تشريعاتها، أما الفقرة الثانية فهي تعطي حقا فرديا لكل شخص في أن لا يتعرض للإعدام.
متى بدأ المجتمع الدولي ينظر إلى إلغاء عقوبة الإعدام بوصفه قضية مرتبطة بحقوق الإنسان؟
مارك بوسويت: تم التطرق إلى هذه القضية منذ الخمسينات، وذلك أثناء صياغة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي اعتمد عام 1966: فالذين كتبوا هذا النص، مع أنهم لم يلغوا عقوبة الإعدام، إلا أنهم أخضعوا تطبيق هذه العقوبة لشروط منها: الخطورة والقانونية وعدم وجود أثر رجعي، بالإضافة إلى شروط إجرائية وضرورة الامثثال لأحكام العهد والاتفاقية حول الإبادة الجماعية. ثم إنهم شجعوا على عدم تنفيذ عقوبة الإعدام (الفقرة 4)، واستثنوا في تطبيق عقوبة الإعدام الأشخاص دون الثمانية عشر عاما والنساء الحوامل (الفقرة 5)، ودعوا إلى إلغاء هذه العقوبة بأن شددوا (في الفقرة 6) على أنه لا يمكن التذرع بأي حكم من أحكام المادة 6 لتأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام.
ومن جهة أخرى، كانت لجنة حقوق الإنسان قد أشارت في ملحوظاتها العامة المعتمدة في 27 يوليو/تموز 1982 إلى أن الإلغاء قد ذكر في المادة 6 بصيغة لا غموض فيها تبين أن إلغاء عقوبة الإعدام هدف منشود. وتوصلت اللجنة إلى أن “جميع الإجراءات التي تتخذ من أجل إلغاء عقوبة الإعدام يجب اعتبارها تقدما نحو التمتع بالحق في الحياة”.
هل لاقيت صعوبات أثناء المفاوضات؟
مارك بوسويت: شككت بعض الدول في جدوى هذا البروتوكول، فهي رأت أن بوسع أي دولة أن تلغي عقوبة الإعدام دون أن تصبح طرفا في البروتوكول، وهذا صحيح.
إلا أن للبروتوكول هدفين: فهناك من جهة هدف سياسي، يتمثل في كون البروتوكول نقطة تجمع لجميع من يعارضون عقوبة الإعدام، تسمح لهم بشن حملات من أجل إلغائها؛ ومزية ذلك أنه يحدد الهدف والوسائل لتحقيقه. وهناك من جهة أخرى هدف قانوني: فالدول الأطراف تلتزم بعدم تطبيق عقوبة الإعدام، كما أنها تلتزم بعدم العودة إلى تطبيقها. وكون إلغاء عقوبة الإعدام نهائيا قد مثل مشكلة في بعض الدول، خاصة في فرنسا، حيث كان من الضروري إجراء تعديل دستوري بعد قرار المجلس الدستوري في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2005
ما هي الدول التي تصدرت المضمار في اعتماد العهد؟
مارك بوسويت: كانت جمهورية ألمانيا الاتحادية حاضرة بقوة، فهي التي أطلقت المبادرة؛ وهناك أيضا دول أخرى في أوربا وأمريكا اللاتينية قد انخرطت منذ وقت طويل في سبيل إلغاء عقوبة الإعدام. والشيء المميز أنه عند اعتماد النص في شهر ديسمبر/كانون الأول 1989، كانت التحولات في أوربا الشرقية قد بدأت لتوها. فبعد أن كان الاتحاد السوفياتي وحلفاؤه تؤيد عقوبة الإعدام، استخدمت تلك الدول هذه القضية لإظهار الإصلاحات التي أطلقت في إطار البيريسترويكا. وعند التصويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان من الضروري أن تشن جمهورية ألمانيا الاتحادية حملة مكثفة، لأن عددا كبيرا من الدول التي كان يمكن أن تعارض البروتوكول أو تؤيد طلبا بإرجاء التصويت قد امتنعت عن التصويت. ويمكن القول بأن التغيير كان فيه نوع من الصدفة : فلوكان الأمر عشر سنوات قبل ذلك لكان في غاية الصعوبة، لأن الدول الاشتراكية كانت ستعارض المشروع. ولوكان بعد ذلك بعدة سنوات لربما كانت الولايات المتحدة ستقوم بحملة أقوى لمنعه، بما في ذلك اللجوء إلى وسائل إجرائية.
من بين الدول الأطراف الست والستين في البروتوكول الثاني الاختياري، فهناك اليوم دولتان فقط هما اللتان أبدتا تحفظات لا تزال سارية، وهما أذربيجان واليونان. فما هو دور هذه التحفظات؟
مارك بوسويت: هناك بالفعل تحفظات قليلة جدا. كان الهدف من التحفظات مزدوجا. فمن ناحية، لم يكن هناك على المستوى الأوربي، وقت صياغة البروتوكول، استبعاد لعقوبة الإعدام في الجرائم العسكرية زمن الحرب. ومن ثم، كان من الصعب، إن لم يكن طوباويا، اقتراح صك عالمي يذهب أبعد مما وصلت إليه الاتفاقيات على المستوى الأوربي آنذاك. ومن ناحية أخرى، كانت التحفظات تسمح ببعض المرونة إزاء ما يفرضه البروتوكول، وذلك بتجنب الحكم المطلق، مما يسهل قبول البروتوكول. وإذ نرى اليوم أنه لم تعد أي دولة تقريبا تستعمل هذه التحفظات، فإنني أميل إلى القول “هذا أمر جيد”. فهذا يبين إذن أن سلبيات قبول إمكانية تلك التحفظات هي في نهاية الأمر ضئيلة جدا.
في رأيك، هل هناك وسيلة للعمل نحو إلغاء عالمي لعقوبة الإعدام؟ إذا كان الرد بالإيجاب، فكيف يمكن إقناع الدول التي لا تزال تمارس عقوبة الإعدام؟
مارك بوسويت: سيأتي ذلك بالتدريج. يجب أن نعمل بطريقة تجعل الدول التي لم تنضم إلى البروتوكول تشعر بالعزلة أكثر فأكثر، وبحيث إن بعض الدول التي تدعي أنها دول تحترم حقوق الإنسان ستشعر بالحرج إذا لم تصادق عليه. فلعلنا يمكن أن نستهدف الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الدولة الغربية الكبيرة الوحيدة التي لم توقع حتى الآن على البروتوكول.
عند اعتماد البروتوكول عام 1989، كانت غالبية الدول تطبق عقوبة الإعدام، والآن، بعد مضي حوالي 20 سنة، وصلنا تدريجيا إلى وضع مختلف، حيث إن أغلبية كبيرة من الدول قد ألغت عقوبة الإعدام، ومن ثم، فقد حققنا تقدما كبيرا، وهذا مما يدعوا إلى السرور.
فئات
بروني دار السلام